شبكة إعلام المرأة العربية... نبضٌ إنساني وريادة فكرية تبث الطمأنينة في قلب ليبيا وتنهض بالمرأة في كل أرجاء الوطن العربي وبلاد المهجر
بقلم حسين السمنودي
كاتب صحفي
في لحظة ملتهبة من التاريخ العربي الحديث، حيث تشتد الأزمات وتتعمق جراح المجتمعات، تبزغ بعض المبادرات كأنها النور في آخر النفق، تشق طريقها بثبات، لا تصخب، لكنها تُحدث فرقًا. من بين هذه المبادرات الراقية، تقف "شبكة إعلام المرأة العربية" شامخة كواحدة من أهم الكيانات الإعلامية ذات الرسالة الإنسانية والثقافية الممتدة، حيث لم تكتف بمجرد تمثيل المرأة العربية إعلامياً، بل تحوّلت إلى كيان جامع يحتضن تطلعات الرائدات، وينتصر لهن في ميادين الفكر، والوعي، والعدالة الاجتماعية.
برئاسة المفكر والإعلامي الدكتور معتز صلاح الدين، تمكّنت الشبكة من أن تتحول من فكرة إلى منصة عربية لها احترامها ومكانتها، تحمل همّ المرأة العربية داخل الوطن العربي وفى بلاد المهجر دون تجزئة، وتتعامل مع قضاياها باعتبارها جوهرًا من جوهر بناء الأوطان، لا مجرد قضايا فرعية في هامش الأحداث. وفي هذا السياق، جاءت رسالتها الأخيرة إلى رائدات ليبيا النسائية، لا كتصريح إعلامي عابر، بل كرسالة طمأنينة محملة بالمسؤولية والصدق، تؤكد أن ليبيا، رغم ما مرت به من صراعات ، لا تزال تحتضن نساءً قادرات على العطاء، وأن الوطن الليبي، بجراحه، لا يُمكن له أن يُشفى دون النهوض بنسائه، واحتضان أحلامهن ومشروعاتهن.
ولم تقف هذه الرسالة عند حدود الكلمات، بل كانت تجسيدًا عمليًا لفلسفة الشبكة الإنسانية، إذ عبّرت من خلالها عن أرقى معاني المحبة والخوف النبيل، حيث حرصت على أن تطمئن على رائدات ليبيا واحدةً واحدة، وكأنها أمٌ تحتضن بناتها في لحظة قلق. بهذه الخطوة النبيلة، ضربت "شبكة إعلام المرأة العربية" أروع الأمثلة في احتواء الجميع، لتؤكد أن المحبة لا تعترف بالحدود الجغرافية، وأن الخوف على الأخريات في زمن الأزمات ليس ضعفًا، بل قمة القوة والإنسانية. فهي شبكة تحب نساءها بصدق، وتخشى عليهن بوعي، وتبادر إليهن بحسٍ أخلاقي نادر، يجعل من رسائلها صوتًا يربّت على القلوب ويمنح الأمل.
هذه الرسالة فى ليبيا كانت صورة مصغّرة لفلسفة الشبكة الكبرى، التي تقوم على تمكين المرأة العربية ثقافيًا وفكريًا ومجتمعيًا، بعيدًا عن التنميط أو التزييف. إذ تسعى الشبكة إلى خلق وعيٍ جديد بدور المرأة، لا يستنسخ مفاهيم غربية، ولا يكتفي بالشعارات المحلية، بل يصوغ هويةً عربية متكاملة تحتفي بالمرأة كرائدة في بيتها، وعالمة في مختبرها، وقائدة في مؤسستها، ومُبادرة في مجتمعها.
ولأن الإعلام ليس فقط مرآة الواقع بل صانعه أيضاً، فإن "شبكة إعلام المرأة العربية" تدرك أن تمثيل المرأة في الإعلام يجب أن يكون انعكاسًا لنضالها الحقيقي، وتقديراً لإسهاماتها الجوهرية في نهضة الأوطان. لذلك، لم تكتفِ الشبكة ببرامج وفعاليات، بل أطلقت منصات للحوار، ومساحات للتدريب، وجوائز لتكريم الرائدات، ومؤتمرات لتبادل الخبرات، مُحدثة بذلك حراكًا نسويًا واعيًا يُبنى على الكفاءة لا على المجاملة، وعلى العمق لا على السطح.
وفي قلب هذا الحراك، يقف الدكتور معتز صلاح الدين، لا بصفته رئيسا للشبكة ، بل كعقل ثقافي يرى في كل امرأة قصة نجاح تستحق التوثيق، ويرى في كل تحدٍّ تواجهه المرأة فرصة لإعادة ترتيب الأولويات في الخطاب الإعلامي العربي. هو ليس مجرد رئيس شبكة، بل هو مؤمن برسالة، يحملها بأمانة، ويسير بها إلى أبعد مدى ممكن، واضعًا نصب عينيه أن التغيير الحقيقي يبدأ من العقل، ومن الصورة التي يصوغها الإعلام عن النساء، لا من الترويج المفرغ من المعنى.
وهكذا، تتحول الشبكة إلى جسر بين العقول، ومنارة في عالم يفتقد المنارات، وعندما توجه رسائلها إلى نساء ليبيا، فهي تفعل ذلك لأنها تدرك أن المرأة في زمن الحرب لا تنكسر، بل تُعيد بناء المعنى، وتُعيد ترميم الحياة ذاتها. وحين تحتفي بإنجازات الرائدات في المغرب، أو مصر، أو اليمن، أو العراق، فهي لا تنتقي النماذج بل تُضيء كل الزوايا، لتقول إن الوجوه النسائية في العالم العربي ليست نسخًا مكررة، بل هي قصائد من النضال والجمال والعقل.
وما بين الطمأنينة التي تبثها، والرؤية الثقافية التي تنسجها، والدعم العملي الذي تقدمه، تواصل "شبكة إعلام المرأة العربية" دورها الطليعي، مؤكدة أن الإعلام ليس مرصداً للأنباء فقط، بل مسؤولية إنسانية عميقة، وأن المرأة ليست موضوعاً هامشيًا، بل عمود رئيسي في بناء الحاضر واستشراف المستقبل.
إنها شبكة لا تشبه سواها، لأن رسالتها لا تشبه الخطابات المتكررة، بل هي حالة من الإيمان الصادق بدور المرأة، ورغبة حقيقية في صناعة مستقبل عربي أكثر إنصافًا، وإنسانية، ووعياً.