recent
أخبار ساخنة

مجدى طنطاوى يكتب حين يكتب العاشقان بدم واحد نزار وكامل في مرآة الحب


 مجدى طنطاوى يكتب 

حين يكتب العاشقان بدم واحد نزار وكامل في مرآة الحب


كان نزار قباني يكتب الشوق كما لو انه الطريق الوحيد الى النجاة وكان كامل الشناوي يكتب الفراق كما لو انه القدر الاخير الذي لا مفر منه وما بين اشتياق نزار الذي لا ينطفئ وجرح كامل الذي لا يلتئم تتشكل ملحمة كاملة عن الحب الحب حين يصبح اكبر من العاشقين واعمق من الكلمات

نزار بدأ الحكاية بدمعة تتعلم كيف لا تسقط

اشتقت اليك فعلمني

ان لا اشتاق

علمني كيف تموت الدمعة في الاحداق

كان يصرخ ضد المستحيل يريد قلبا لا يشتاق وعينا لا تبكي وروحا لا ترتعش كلما مرت صورتها في خياله لكنه كان يعرف في العمق ان الانسان يستطيع ان يتعلم كل شيء الا كيف يطفئ جذوة الحب

وفي الجانب الاخر كان كامل الشناوي يصرخ من قلب لم يستطع ان يتوقف عن النزيف


لا تكذبي

اني رأيتكما معا

ودعي البكاء فقد كرهت الادمعا


لم يكن يشهد خيانة امرأة بل خيانة قلبه له حين احب ما لا يمكن امتلاكه هو الاخر كان يريد ان يتعلم الهروب من الحب لكن الحب كان الاسر الاوسع والقيد الاعمق والقدر الاكثر قسوة


بين نزار وكامل يمتد جسر من النار كلاهما احب حتى العظم وكلاهما خذل وكلاهما حاول ان يستأصل الحب من صدره فادرك ان استئصال الحب اشبه بمحاولة اقتلاع الروح من الجسد


نزار يرتجف ويسأل

علمني

كيف يموت القلب وتنتحر الاشواق


لكن كامل يجيبه من بعيد بصوت رجل جرب الموت ولم يتحرر


ويداك ضارعتان ترتعشان من لهف عليه

ويشب في قلبي حريق

ويضيع من قدمي الطريق


كان كامل يقول له لا يا نزار القلب لا يموت والطريق لا يشفى والاشواق لا تنتحر بل تتحول الى جرح دائم السطوع

نزار يحاول ان يغلق باب الشوق وكامل يحاول ان يغلق باب الذكرى لكن الابواب كلها تتفتح من تلقاء نفسها وكأن في الحب قوة لا تخضع لقرارات البشر

وفي لحظة انكسار يعلن كامل الشناوي توبته عن حب احرقه


رايت انك كنت لي قيدا حرصت العمر الا اكسره فكسرته

وكنت لي ذنبا سألت الله الا يغفره فغفرته


لكن هل غفر الذنب هل انكسر القيد القلوب التي تتعلق لا تعرف الغفران ولا النسيان والحب الذي يصل حد الالم لا يتحول الى ذكرى بل يتحول الى هوية

ونزار الذي حاول قتل الشوق لم يستطع الا ان يعترف بان الحب اصل الحياة ونبضها فكلما قال


علمني ان لا اشتاق

كان قلبه يجيب من الداخل كيف اطفئ شمسا وكيف امحو سماء وكيف اقتل شيئا يولد في كل نبضة


وهكذا يلتقي الرجلان في مرآة واحدة

نزار رجل يقاتل شوقا مشتعلا يأبى ان يخمد

وكامل رجل يقاتل حبا يأبى ان يموت

نزار كان يريد قلبا بلا اشواق وكامل كان يريد قلبا بلا جراح لكن الاثنين اكتشفا الحقيقة ذاتها الحب ليس شيئا نقرره بل شيء يقررنا


الحب لا يستأصل لانه ليس غصنا في الجسد بل هو الجسد نفسه

ولهذا مات كامل الشناوي وفي قلبه صوت نجاة كما تموت الشموع بنورها وعاش نزار قباني وفي صدره اشتياق يكتب العالم كله من جديد


الحب ينتصر دائما لا لانه جميل بل لانه اقوى من الانسان

google-playkhamsatmostaqltradent