صمود يتحدى العالم
بقلم الشابة التونسية المتميزة :
دنيا بن رحومة
لم تكن حياتها سهلة منذ البداية. نشأت في بيت يغيب فيه الحنان، وفي مجتمع لا يرى في الضعف سوى فرصة للدهس. كبرت وهي تسمع كلمات جارحة أكثر مما سمعت كلمات حب. في المدرسة كانوا يسخرون منها، وفي البيت كانت تُعاقَب حتى على أخطاء لم ترتكبها.
مع مرور السنين، تعلمت أن تخفي ألمها خلف صمت ثقيل. لم تكن تبكي أمام أحد، بل كانت تترك دموعها تنساب ليلًا حين لا يراها أحد. كان العالم بأسره يتآمر على إطفاء نورها، لكنها في أعماقها كانت تؤمن أن النار التي تحرقها هي نفسها التي تصنع منها قوة جديدة.
يوما ما وقفت أمام المرآة، تحدق في عينيها المتعبتين. رأت كل الجراح، كل الانكسارات، كل الخيبات. لكنها رأت أيضا شيئا آخر: بقايا طفلة لم تمت، وإمرأة وُلدت من الرماد، لا زالت واقفة رغم كل شيء. ابتسمت لأول مرة بصدق، وقالت لنفسها: “قد يظلمونني، قد يحاولون كسري، لكنني لن أسقط. لن أعطيهم لذة انتصارهم.”
ومنذ تلك اللحظة، لم تعد مجرد فتاة مظلومة. صارت رواية بحد ذاتها، رواية عن صمود يتحدى العالم، عن قلب لم ينطفئ رغم العواصف، وعن إنسانة أبت أن تكون ضحية، فصارت أسطورة صغيرة تمشي بين الناس بصمت.